بقلم / رنيم مدوخ
كنت مثلكم، أرمي الورقة
التي تكون في يدي على الأرض. لأني مثلكم، كنت أرى الأرض سلة مهملات كبيرة. كنت
مثلكم لكني تغيرت.
نعم، التغيير ممكن ..
سهل قد يكون أو صعب .. مرغوب أو مرفوض .. لكنه يحدث .. و قد لا نتذكر في معظم
الأحوال لماذا تغيرنا .. لكنها سنة الله في الأرض .. ألا نبقى على حال ثابتة .. لكن
هذا لا يعني أن ننحدر .. في كل الأحوال أعتقد أن الإدراك عنصر مهم في تغيير
عاداتنا (نحو الأفضل).
و لأني أدركت أن
العالم لا يحتاج شخصاً أنانياً آخر يقف في طريقه، وقفت في طريق نفسي، توقفت،
انحنيت، التقطت الورقة التي رميتها للتو، و حملتها معي حتى أقرب سلة مهملات
وجدتها، و ألقيتها فيها. شعرت بالراحة و الفخر.
لا زالت النفايات مستلقية
في كل مكان، لا زالت المدينة بشعة، رائحتها كريهة، لا زال الطالب الجامعي يمر من الشارع،
يتحدث مع زميله عن التنمية المجتمعية، يتذمر من تخلف العقول و تأخرها، يلقي بزجاجة
المشروب الذي في يده على الأرض و يكمل الطريق و الحديث، لا زال يمر من خلفه رجل
أُميٌ في الخمسين من عمره، يحمل مكنسة ينظف الشارع، و يتذمر من منطقية المدينة
اللامنطقية !
(الإدراك مرة أخرى)
.. ربما ما نحتاجه هو أن ندرك حقيقة المشكلة، أن ندرك حجم المسؤولية التي يجب أن
نتحملها تجاه مشكلة لم تكن لتكون موجودة بدون وجودنا، أن ندرك أننا الكائنات
الوحيدة في هذا الكون، التي تعتقد أن نفاياتها ليست مشكلتها، تلقي بها أينما تريد
معتقدة أن على أحد ما (غيرها) أن يخلصها منها –ألا يجب أن نشعر بالخجل من هذه
الحقيقة-
من خلال تجربتي مع
النفايات، إنتاجها، رميها، دراستها، إعادة استخدامها، محاولة التقليل منها، أعتقد
أن كل ما نحتاجه هو أن نعيد النظر قليلا، أن نخلع النظارة التي طالما ارتديناها، و
نفكر قليلاً، سنعرف حينها كيف أن الجمال يكمن في ما نعتقده بشاعة. يمكن لأي واحد
منا أن يجد الطريقة الأنسب لإعادة التفكير، قد يختبر أحدنا إنسانيته، ديانته، هوسه
بصحته، هوسه بالمال، أو بالجمال، لكننا بالنهاية سنصل معاً لنتيجة واحدة : أن النفايات
مشكلتنا وحدنا، و لكن علينا أن نحلها معاً.
No comments:
Post a Comment