المصدر: البيئة نيوز
بقلم الخبير في التصرف في النفايات بالمانيا: وسيم شعبان
يرتبط
مجال التصرف في النفايات عموماً بجملة أسس على علاقة بالوضع السياسي والثقافي والاجتماعي
والتربوي وكذلك بالقوانين والإدارة والنظم المالية ومستوى التطور التكنولوجي. وتعاني
معظم دول العالم من خلل في توفير كل هذه العناصر بالشكل المطلوب و بالطريقة المثلى
. وبدورها تعاني الدول العربية وخاصة مدنها الكبيرة من نقص كبير على هذا الصعيد. ولهذا
السبب عرفت مدنها مشاكل كبيرة في ما يخص إدارة وتنفيذ عملية التخلص من النفايات الصلبة
و اجتاحت النفايات الشوارع و الانهج مما تسبب في العديد من المشاكل والأزمات تحولت
في بعض الأحيان إلى أزمات سياسية.
عملية
الإستفادة من الخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال هي عملية ليست سهلة كما يتخيلها
البعض. فالاختلافات الكبرى في عديد المجالات بين الدول العربية والأوروبية التي سبق وأن ذكرناها تجعل من هذه العملية معقدة
نوعاً ما وتحتاج مجهودات كبيرة على كل الأصعدة، وخاصةً حضور الشرط الأساسي ألا وهو
الإرادة السياسية. هذه الأخيرة غابت في أغلب الدول العربية، التي تعتبر في أغلب الأحيان وزارة البيئة و صناعة القرار في مجال البيئة هي
مجرد حقيبة وزارية لإرضاء أشخاص أو أحزاب، وترتبط أغلب القرارات فيها بوزارات السيادة
أو حتى في بعض الأحيان بأعلى هرم السلطة.
تختلف
النفايات الصلبة المنزلية التي يتم افرازها في العالم العربي عن تلك التي يتم إفرازها
في الدول الأوروبية مثلاً. إذ أن النفايات في العالم العربي هي بالأساس نفايات عضوية،
تفوق فيها النسبة في بعض الأحيان (في بعض الدول) ال 75 بالمئة من مجموع النفايات. بينما
تتمثل باقي المخلفات في الورق والبلاستيك وغيرها، وذلك نتيجةً لاختلاف نمط الإستهلاك.
كما
يكمن الإختلاف في أن الدول العربية لا تقوم بعملية فصل النفايات من المصدر، أي أن كل
النفايات تجمع في نفس الكيس لتتم عملية نقلها إلى المصبات (مراقبة أو غير مراقبة)،
وهو ما يزيد في صعوبة فصلها نظراً للكمية الكبيرة من النفايات العضوية التي تحتوي عليه.
فقد
اجتاحت النفايات الشوارع والأزقة في أغلب الأحيان نظراً للإشكال المطروح للقيام بعملية
الجمع، التي يقوم بها في أغلب الأحيان القطاع العام، في ظل عدم توفر الإمكانيات أو
القوانين في بعض الأحيان للتعاون مع القطاع الخاص، الذي عرف بتقديم نتائج أفضل بكثير
وبأسعار أقل مقارنةً بخدمات القطاع العام. وتعود إشكاليات رفع النفايات كذلك لإمتلاء
المصبات وعدم التخطيط لعمليات الطمر، دون نسيان الإضرابات التي عرفها هذا القطاع.
كما
أن الإطار القانوني والمؤسساتي في هذه الدول لا يسمح بتطوير مجال التصرف في النفايات.
فتداخل الأدوار و قلة التنسيق بين الوزارات المعنية، والخلافات بينها في بعض الأحيان
، جعل مستوى التصرف في النفايات في هذه الدول بعيدا جداً عن المأمول إذ نجد في بعض
الأحيان وزارتين تتكفلان بهذه المهمة. هذا بالإضافة إلى المركزية في صناعة القرار والنقص الكبير في الموارد
المالية.
تدوير
النفايات في البلدان العربية
تعرف
عملية التدوير بأنها سلسلة عمليات مترابطة ببعضها البعض تبدأ بتجميع المواد التي يمكن
تدويرها ومن ثم فرزها حسب أنواعها لتصبح كمواد خام صالحة للتصنيع ويتم تحويلها إلى
منتجات قابلة للاستخدام. ومن أهم النفايات القابلة للتدوير نذكر الحديد والألمنيوم
والورق والزجاج و البلاستيك و غيرها من المواد. وتعتبر أهمية إعادة التدوير نوعاً من
الفرص الاستثمارية قليلة التكلفة وعالية الربح في أغلب الأحيان، وذلك يختلف باختلاف
النفايات المدورة، نوعها والمنتوج النهائي، أي الهدف من تدويرها.
وبالتالي
يمكن إعتبار تدوير النفايات كعملية تحويل المخلفات إلى منتجات جديدة لها فوائد اقتصادية
وبيئية وحتى اجتماعية من خلال توفير مواطن الشغل. إلا أن صناعة التدوير لا تزال قليلة
في البلدان العربية بسبب غياب التشجيع من الحكومات، إذ أن الدول
العربية تخسر مئات المليارات سنويا بسبب عدم استغلال نفاياتها و الاكتفاء بعمليات الطمر. كما عرفت الاستثمارات العربية في مجال تدوير النفايات
بضعفها، ويعود هذا الضعف إلى كون هذا المجال
الحيوي لكل اقتصاديات العالم غير معروف في الدول العربية، أو بالأحرى لم يقع تقييمه
بصفة جيدة. وعلى الحكومات أن توفر الرعاية اللازمة لمثل هذه الاستثمارات، لأنها بذلك
بصدد إهدار ثروات كبرى من جهة ومن جهة أخرى هذه النفايات قادرة على أن تتسبب في مشاكل
للدولة هي في غنًى عنها.
على
سبيل المثال، نذكر أزمة النفايات التي عرفتها جزيرة جربة في تونس، الناتجة على المشاكل
الاجتماعية والاحتجاجات جراء مصب النفايات
بمنطقة قلالة و عرفت الأزمة بتطوراتها السياسية الخطيرة وتأثيرها على الوضع
الإجتماعي والإقتصادي الذي يعتمد خاصةً على السياحة
إلا أن هذا لا يخفي المجهودات الكبيرة التي يقوم بها بعض البلدان في هذا المجال، التي عرفت بتطوير نظم التصرف في النفايات إلى جانب توفر الإمكانيات والتكنولوجيا المتطورة على غرار الإمارات العربية المتحدة و قطر.
عن وسيم شعبان:
أخصائي بيئي وناشط في المجتمع المدني مع أكثر من 6 سنوات من الخبرة في مجال الإدارة البيئية والتنمية المستدامة في منطقة المشرق والمغرب العربي. تغطي هذه الخبرة أيضاً معرفة بالقطاعين الخاص والعام والتعاون الدولي. هو الأن بصدد إعداد رسالة الدكتوراه في مجال التصرف في النفايات بجامعة روستوك بألمانيا، كما يشتغل بمجال الإستشارات في نفس المجال.
الإجتماعي والإقتصادي الذي يعتمد خاصةً على السياحة
إلا أن هذا لا يخفي المجهودات الكبيرة التي يقوم بها بعض البلدان في هذا المجال، التي عرفت بتطوير نظم التصرف في النفايات إلى جانب توفر الإمكانيات والتكنولوجيا المتطورة على غرار الإمارات العربية المتحدة و قطر.
عن وسيم شعبان:
أخصائي بيئي وناشط في المجتمع المدني مع أكثر من 6 سنوات من الخبرة في مجال الإدارة البيئية والتنمية المستدامة في منطقة المشرق والمغرب العربي. تغطي هذه الخبرة أيضاً معرفة بالقطاعين الخاص والعام والتعاون الدولي. هو الأن بصدد إعداد رسالة الدكتوراه في مجال التصرف في النفايات بجامعة روستوك بألمانيا، كما يشتغل بمجال الإستشارات في نفس المجال.