May 1, 2017
الشرطة البيئية بالمغرب وتحديات اشتغالها
بقلم: زكريا بيشا
يطمح المغرب ليكون
أحد الدول الأكثر تقدما على صعيد حماية البيئة والتنمية المستدامة، فبعد عدة مشاريع
بيئية، كمحطة "نور" للطاقة الشمسية، وقوانين متعلقة بالمحافظة على البيئة،
كقانون منع الأكياس البلاستيكية، قام المغرب في فبراير 2017 بإحداث أول وحدة من الشرطة
البيئية متخصصة في شؤون البيئة. فماهي ظرفية إنشاء هذا الجهاز، وماهي المهام المنوطة به، و كيفية انتقاء
أفراده، وطريقة اشتغاله؟
جاءت الشرطة البيئية
لمراقبة المخالفات البيئية خصوصا التقنية منها، كتلوث الهواء ومشاريع دراسة التأثير
على البيئة. إحداث هذا الجهاز جاء لتفعيل المادة 35 من القانون الإطار رقم 99ـ12 الذي يعد
بمـثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المسـتدامة، وتكلف هذه الشرطة بمهام المراقبة والتفتيش
والبحث والتحري ومعاينة المخالفات وتحرير المحاضر، وكذلك بتقديم الدعم الضروري لتعزيز
سلطة الإدارات المعنية بتنفيذ تدابير حماية البيئة. ففي السابق كانت الوزارة تعطي المصادقة
البيئية لكن لا يكون هناك جهاز ليراقب بعد ذلك مطارح النفايات ومشاريع ترميمها، أو
المشاريع المتعلقة بمحطات تصفية المياه العادمة.
فمثلا، عند طلب رخصة لإنشاء
محطة لمعالجة المياه العادمة، أو رخصة لنقل النفايات الخطرة، يجب أن تتوفر المعايير
والآليات التي تكفل سلامة وأمن صحة المواطنين أولا، ثم المحافظة على الموارد الطبيعية.
التعجيل
بتنزيل هذا القانون جاء بعد الضجة التي سببها استيراد المغرب ل
2500
طن من مخلفات من إيطاليا في يوليوز الماضي وبالتحديد من منطقة تافيرنا ديلري بضواحي نابولي المعروفة بجبال النفايات
المنزلية غير المعالجة التي شكلت ثروة للمافيا من خلال الاتجار بها. الاتفاق كان يقضي
باستيراد 5 ملايين طن خلال 3 سنوات، لكن الاحتجاج والضجة التي خلفها استيراد الدفعة
الأولى جعلت الحكومة تقرر منع استيراد النفايات كليا، وجعلها أيضا تعجل بتنزيل هذا
القانون الذي تم إقراره في 19 مايو 2015 لكن ظل دون تفعيل.
الصورة 1: سيارات
الشرطة البيئية تحمل علامات خضراء وسوداء تميزها عن سيارات الشرطة الوطنية
اليوم يتوفر المغرب
على هذا الجهاز، الذي ينبثق عن وزارة البيئة ويعمل بشراكة مع الدرك المكي وكذلك مع
الشرطة الوطنية. حيث سيتم تكوين أعضاء من الدرك الملكي والشرطة ليتمكنوا
من العمل بشكل متسق مع مفتشي الشرطة بالبيئية خصوصا في مجال المراقبة.
ولولوج الشرطة البيئية يجب أن يثبت المترشحون
توفرهم على أقدمية 5 سنوات على الأقل من الخدمة بصفة متصرف من الدرجة الثانية أو مهندس
دولة من الدرجة الأولى، كما يجب أن ينجحوا في تكوين مستمر يتعلق بمجال الوقاية وحماية
البيئة وتقنيات المراقبة والتفتيش البيئي وبمساطر معاينة المخالفات للتشريع والتنظيم
المتعلقين بالمحافظة على البيئة وبتحرير محاضر في شأنها، وتحدد كيفية هذا التكوين وبرامجه
بمقرر للسلطة الحكومية المكلفة بالبيئة، وبعد ذلك تتم تأدية اليمين.
استفادت
الدفعة الأولى للمفتشين المحلفين البالغ عددها 40 عنصرا من عدة تكوينات على الصعيد الوطني والدولي،
فبشراكة مع وزارة العدل والحريات تمت تكوينهم في كيفية إنشاء المحاضر وتحرير المخالفات.
أما على الصعيد الدولي فقد تم تكوين المفتشين في مجال إدارة النفايات، إضافة إلى مجال
محاربة تلوث الهواء. كما استفاد المفتشون أيضا من تكوينات أخرى غير تقنية
ككيفية التواصل والتعامل مع الأشخاص أو الجهات أثناء القيام بمهامهم، وتم تجهيزهم بمعدات حديثة لمراقبة
الإشعاعات النووية وغيرها التي قد تحتويها المواد المستوردة.
الصورة2 :
استعراض المعدات والأجهزة الحديثة التي تعمل بها الشرطة البيئية.
يتركز عمل الشرطة
البيئية في مرحلة أولى على المشاريع التي حصلت على المصادقة البيئية في الاستثمار
التي قد تكون في جل المجالات كالفلاحة، الصناعة، البناء إلخ، فضمن مسطرة المصادقة البيئية
هناك دفتر تحملات لصاحب المشروع يكون فيه ملزما بالقيام بعدة تدابير للتقليص من الآثار
الجانبية لمشروعه، أو على الأقل تعويض ماتم تخريبه. فدور الشرطة البيئية هو التأكد
هل فعلا تم احترام دفتر التحملات في مايخص دراسة التأثير على البيئة من جهة، من جهة
أخرى تراقب الشرطة رخص نقل النفايات وهل تم تطبيق المراسيم واحترامها على مستوى المساطر
الإدارية و أيضا التدابير التقنية خصوصا فيما يتعلق بالنفايات الخطرة. وكذلك فيما يخص البرامج
التي تكون الوزارة شريكة فيهم وتمولهم مع الجماعات الترابية ووزارة الداخلية، كالمطارح المراقبة ومحطات
معالجة المياه.
فيما يخص العقوبات
التي قد تطال المخالفين، فهي تنقسم إلى ثلاث أنواع:
1ـ عقوبات
إدارية: قد تصل إلى الإغلاق، 2ـ عقوبات مالية و 3ـ عقوبات حبسية. يتم تطبيق هذه العقوبات حسب الخطورة ودرجة المخالفة،
فبالنسبة للنفايات الخطرة مثلا: يمكن أن تصل الغرامة إلى 2000000 درهم (أي ما يعادل 200.000 يورو).
الصورة 3: شرطي بيئي
في طور تحرير مخالفة
تحديات عدة تواجه
هذا الجهاز، منها:
-
كيفية العمل والتنسيق
مع الدرك الملكي والشرطة الوطنية؟ فالغاية من التعاون بين مختلف المكونات كما حددت الوزيرة
السابقة في محطات مختلفة ليس توفير الآليات المادية ولا البشرية، بل أن تكون شراكة
في المراقبة، فالدرك الملكي هو المتواجد في الطرقات أي أنه هو الذي يمكن له القيام
بمراقبة نقل النفايات في
الطرقات وخارج المجال الحضري.
-
كيف سيتم تكوين عدد أكثر في المستقبل
لكي يتمكنوا من تغطية ليس فقط المجال الحضري والطرقات، بل كذلك المجال القروي، خصوصا أن عددا مهما
من المصانع التي تتواجد بالعالم القروي يمكنها أن تضر بالبيئة وبصحة المواطنين.
والتحدي الأكبر والذي
يعتبره المراقبون نقطة محورية في الحديث عن هذا الجهاز وهي مدى فعالية الشرطة البيئية،
وهل ستتمكن فعلا من القيام بالمهام المنوطة بها، أم ستبقى جهازا شكليا كما هو الحال
بالنسبة لشرطة المياه التي كانت ولا تزال دون فعالية تذكر، وأيضا تجربة "شرطة
البيئة" التي كان متركزة في البداية بين مدينتي الدارالبيضاء والرباط، لكنها لم
ترقى إلى المستوى الذي كان يتنظره المواطنون الذين لايزالون يلاحظون انتشار الأكياس
البلاستيكية في معظم الأماكن رغم منعها رسميا.
المراجع:
ـ القانون الإطار
رقم 99ـ12 بمثابة ميثاق وطـني للـبـيــئة والـتنـمية المستدامة
ـ مرسوم رقم 2.14.782 صادر في 30 من رجب 1436 (19 ماي 2015)
يتعلق بتنظيم وبكيفيات سير الشرطة البيئية
ـ http://www.huffpostmaghreb.com/2017/02/21/police-environnement_n_14905266.html
Subscribe to:
Posts (Atom)