بقلم / رنيم مدوخ
كنت أقرأ عن الخطة
الإستراتيجية التي أعدتها دولة الاحتلال الإسرائيلي للإدارة المستدامة لنفاياتها
الصلبة بكافة أنواعها. ما يثير الاندهاش أنه قد تتساوى كفتي الميزان بيننا و بينها
حين نتحدث عن معدل إنتاج النفايات و تركيبها و طرق التخلص منها حتى عام 1990، إلا أن
إسرائيل قد بدأت في الانتباه إلى المشكلة قبلنا، و سارعت إلى حلها قبلنا، فهل
سنتركها تنتصر علينا فيما يتعلق بالحفاظ على موارد البيئة أيضا؟! و التي هي جزء
أساسي و مهم في الصراع الأزلي بيننا.
ذات محدودية الأراضي،
و ذات الاستهلاك المتزايد للموارد المحدودة، و ذات المشكلة المتوقعة في عدم قدرتنا
على الاستمرار بنفس الطريقة في إدارة النفايات الصلبة، ما دفع دولة الاحتلال إلى
وضع خطة عاجلة عملية و مستدامة لإدارة النفايات الصلبة من خلال ثقافة الثلاثية
(تقليل الاستهلاك، إعادة الاستخدام، إعادة التدوير) بدأتها برفع نسبة إعادة
التدوير من 12.1 % من أصل 6 ملايين طن من النفايات المنتجة سنويا عام 2004 إلى
13.5 % عام 2009 . من خلال سن القوانين الجديدة و تدعيم المبادرات الفردية و
صناعات التدوير، إلى الاهتمام بالنفايات التجارية و الصناعية في المقام الأول.
الخطة كان لها هدف رئيسي واضح، و هو الوصول إلى نسبة إعادة تدوير تصل إلى 50 %
خلال العشر سنوات القادمة، تضمنت الخطة أهداف فرعية و خطوات واضحة و متسلسلة بجدول
زمني يضمن تحقيق الهدف بصورة فعالة، و يتطور من ثقافة إعادة التدوير إلى استخدام
النفايات كمصدر للطاقة و حتى الوصول إلى عدم الحاجة لمزيد من الأراضي كمكبات
للنفايات.
في المقابل، حضرت
ورشة عقدتها بلدية غزة منذ أشهر لمناقشة خطتها الإستراتيجية لخمس سنوات قادمة، طرحت
المشكلة و طرحت الحل لكن في طرح المشكلة لم تضع يدها على العنصر الحقيقي المؤثر
على تفاقم المشكلة و هو الإنسان، و في طرح الحل لم تتطرق أبدا لدور الأفراد في
مشاركتها بتنفيذ أي من الحلول المقترحة. خطة بلدية غزة كانت خالية من أهداف واثقة
و خطوات عملية و متسلسلة و الأهم أنها كانت خالية من أي جدولة زمنية تضمن بشكل
فعال تحقيق الحل المرجو للمشكلة. بالطبع أشعر بالخجل و الأسى و أنا أقرأ نتاج بيئي
ناجح لدولة الاحتلال بينما اجلس في جلسة بيئية كلها نقاشات عقيمة و جدل شخصي و
حزبي و مؤسساتي يضمن لنا الوقوف مكاننا خلال العشر سنوات القادمة بينما إسرائيل
تحقق هدفها في تدوير 50 % من نفاياتها.
لا تنقصنا أي كفاءات
أو خبرات علمية أوعملية، و بالتأكيد الإمكانيات ليست مشكلة كبيرة في ظل وجود جهات
مانحة كثيرة للمشاريع البيئية. و حتى العوائق السياسية التي تتدخل في تمويل هكذا
مشاريع يمكن التغلب عليها بعدة طرق ذكية لا تخفى علينا. الشيء الوحيد الذي ينقصنا
هو تغيير طريقتنا في التفكير بالمشكلة. هو محاولة إدراك أن أي انتصار بيئي يمكن أن
نحرزه لصالحنا هو مقاومة أيضاً.