بقلم/ عمر عاصي
المصدر: OmarTalk blog
ولّت ايام الدلّع ، ايام كُنت اتهرّب من امي لرمي القمامة ،،
فهُنا في المانيا ،، لا اجد وقتاً للتفكير برمي القُمامة ، هُناك مسألة أخطر بكثير
، هي فرز النفايات وهي اطول من قصص الف ليلة وليلة عندنا ،، فعندما إستلمت غُرفتي
، إصطحبي السيّد والبرت ( +80 عاماً ) إلى المخزن ، كانت الغرفة مُعتمة قليلاً ،
إلا ان الوان (
براميل الزبالة ) كانت واضحة جداً ،، أظنها كانت 5 براميل .. راح السيّد والبرت
يشرح عنها بلا كلل ولا ملل .. الورق في الأزرق والطعام في الأخضر والعُلب والأغلفة
في الأصفر وووو ( يا حبيبي ) ، للحظات شعرت وكأنني على مشارف إمتحان صعب ، موعده
الأسبوع القادم .. الإستعداد للإمتحان لم يكن سهلاً ، كنت احاول الإقتصاد في
القمامة قدر الإمكان ولم تكن مهارتي جيّدة في الـ إعادة التدوير ( الريسايكلينج )
، إلا ان وضعي الان احسن ، فقد جعلت من عُلبة المخللات عُلبةً للسكر وعلبة اللبن
صارت عُلبة اقلام .. وكيس شركة الهواتف صار غطاء لطاولة الطعام .. وعلبة الفواكه
صارت مكاناً للكتب التي تُلهمني .. ولكن ( طبعاً ) لم يكن من القُمامة مفر ،، فبعد
أسبوع إضطررت للنزول لرمي القُمامة ،، ( ويا حبيبي ) ، بالصُدفة مررت من عند
السيّد والبرت ، فرأى الكيس وراح يُذكرني بالقوانين مرّة اخرى .. وكانت الفضيحة
عندما إكتشف ان معي علبتين طونا وعلبة لبن بالإضافة إلى كيس فيه بقايا طعام ، فلم
يطمئن .. قال لي ، سآتي معك !! ونزلنا معاً .. وراح يشرح الدرس مرّة اخرى - ولعل
من حسن حظي انه لا يعلم انني اكتب في مجال البيئة .. وعلى وشك بدء دراستي في
الهندسة البيئية - ثم رمينا كُل شيء حيث يجب .. ولكن كانت هُناك كارثة في يدي هي
عُلبة المربى الزجاجية ،، قال لي : هذه لا تُرمى هُنا .. يجب ان تبحث في المدينة
عن مكان لرمي الزجاج .. انت تعلم ، هُناك مكان للزجاج الأبيض والأخضر و ( نسيت
الأخير ) .. فطأطأت رأسي موافقاً ! حينها كانت المُفاجأة الجميلة .. حين قال لي ،
سأخذها بدلاً عنك اليوم .. لكن انتبه للمرات القادمة ، نظفّها قبل رميها ، وابحث
عن مكان رمي الزجاج !! واعطاني فوق ذلك هديّة ( كيس اصفر ) له حكاية اخرى طويلة ..
لم يشرح لي ، قال .. مكتوب عليه كُل شيء .. إذهب وإقرأ !!! ولكنني لم اصبر كثيراً
،، قلت له .. اولى ترى ان في هذا ( تعقيد ) فأجاب مُبتسماً ( وهل تفكيرك مُعقد ؟؟
لماذا تذهبون للجامعات ؟؟ ) فأجبته بنفس الإبتسامة : نذهب .. حتى نجعل الحياة أكثر
بساطة !!
No comments:
Post a Comment